أولًا: أقوال بعض الصحابة والتابعين في اسم الله (القاهر):
1- قال ابن عباس -رضي الله عنهما- {القاهر}: الغالب على عباده. [تنوير المقباس من تفسير ابن عباس، ينسب: لعبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - (المتوفى: 68هـ) 1/107].
ثانيًا: أقوال بعض المفسرين في تفسير اسم الله (القاهر):
1- قال الطبري: {القاهر}: قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"وهو"، نفسَه، يقول: والله الظاهر فوق عباده (1) = ويعني بقوله:"القاهر"، المذلِّل المستعبد خلقه، العالي عليهم. وإنما قال:"فوق عباده"، لأنه وصف نفسه تعالى ذكره بقهره إياهم. ومن صفة كلّ قاهر شيئًا أن يكون مستعليًا عليه.
فمعنى الكلام إذًا: والله الغالب عبادَه، المذلِّلهم، العالي عليهم بتذليله لهم، وخلقه إياهم، فهو فوقهم بقهره إياهم، وهم دونه. [تفسير الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ) 11/288].
2- قال السمرقندي: {القاهر}: وهو القاهر فوق عباده الغالب والعالي عليهم. ويقال: القادر والمالك عليهم. [بحر العلوم، أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي (المتوفى: 373هـ)، 1/ 438].
3- قال مكي بن أبي طالب: {القاهر}: المعنى: والله المذلل لعباده، العالي عليهم علو قدرة وقهر، لا (علو) انتقال من سفل، بل استعلى على خلقه بقدرته فقهرهم بالموت وبما شاء من أمره، لا إله إلا هو. ولما وصف نفسه تعالى بأنه المذل القاهر، ومن صفة القاهر أن يكون مستعليا، قال {فوق عباده}. [الهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وتفسيره، وأحكامه، وجمل من فنون علومه، أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي (المتوفى: 437هـ)، 3/ 1976].
4- قال الماوردي: {القاهر}: فيه قولان: أحدهما: أن معناه القاهر لعباده , وفوق صلة زائدة. والثاني: أنه بقهره لعباده مستعلٍ عليهم , فكان قوله فوق مستعملاً على حقيقته كقوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيدِيهِم} [الفتح: 10] لأنها أعلى قوة. ويحتمل ثالثاً: وهو القاهر فوق قهر عباده , لأن قهره فوق كل قهر. وفي هذا القهر وجهان: أحدهما: أنه إيجاد المعدوم، والثاني: أنه لا راد لأقداره ولا صَادَّ عن اختياره. [تفسير الماوردي - النكت والعيون، أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي (المتوفى: 450هـ)، 2/99 -100].
5- قال البغوي: {القاهر}: القاهر الغالب، وفي القهر زيادة معنى على القدرة، وهي منع غيره عن بلوغ المراد، وقيل: هو المنفرد بالتدبير الذي يجبر الخلق على مراده، فوق عباده هو صفة الاستعلاء الذي تفرد به الله عز وجل. [معالم التنزيل في تفسير القرآن - تفسير البغوي، محيي السنة ، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي (المتوفى : 510هـ)، 3/133].
6- قال القرطبي: {القاهر}: القهر الغلبة، والقاهر الغالب، وأقهر الرجل إذا صير بحال المقهور الذليل، قال الشاعر «1»:
تمنى حصين أن يسود جذاعه ... فأمسى حصين قد أذل وأقهرا
وقهر غلب. ومعنى (فوق عباده) فوقية الاستعلاء بالقهر والغلبة عليهم، أي هم تحت تسخيره لا فوقية مكان، كما تقول: السلطان فوق رعيته أي بالمنزلة والرفعة. وفي القهر معنى زائد ليس في القدرة، وهو منع غيره عن بلوغ المراد.. [الجامع لأحكام القرآن - تفسير القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671هـ)، 6/ 399].
7- قال البيضاوي: {القاهر}: وهو القاهر فوق عباده تصوير لقهره وعلوه بالغلبة والقدرة.. [أنوار التنزيل وأسرار التأويل، ناصر الدين أبو سعيد عبد الله بن عمر بن محمد الشيرازي البيضاوي (المتوفى: 685هـ)، 2/ 157].
8- قال السمين الحلبي: {القاهر}: وهو القاهر مستعليا أو غالبا. [الدر المصون في علوم الكتاب المكنون، أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي (المتوفى: 756هـ)، 4/ 566].
9- قال ابن كثير: {القاهر}: أي: هو الذي خضعت له الرقاب، وذلت له الجبابرة، وعنت له الوجوه، وقهر كل شيء ودانت له الخلائق، وتواضعت لعظمة جلاله وكبريائه وعظمته وعلوه وقدرته الأشياء، واستكانت وتضاءلت بين يديه وتحت حكمه وقهره. [تفسير القرآن العظيم، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)، 3/ 244].
10- قال الآلوسي: {القاهر}: قيل هو استعارة تمثيلية وتصوير لقهره سبحانه وتعالى وعلوه عز شأنه بالغلبة والقدرة، وجوز أن تكون الاستعارة في الظرف بأن شبه الغلبة بمكان محسوس، وقيل: إنه كناية عن القهر والعلو بالغلبة والقدرة، وقيل: إن فَوْقَ زائدة. وصحح زيادتها وإن كانت اسما كونها بمعنى على وهو كما ترى، والداعي إلى التزام ذلك كله أن ظاهر الآية يقتضي القول بالجهة والله تعالى منزه عنها لأنها محدثة بإحداث العالم وإخراجه من العدم إلى الوجود، ويلزم أيضا من كونه سبحانه وتعالى في جهة مفاسد لا تخفى، وأنت تعلم أن مذهب السلف إثبات الفوقية لله تعالى كما نص عليه الإمام الطحاوي. وغيره واستدلوا لذلك بنحو ألف دليل. [تفسير الآلوسي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني،شهاب الدين محمود بن عبد الله الحسيني الألوسي (المتوفى: 1270هـ)، 4/108].
ثالثًا: أقوال بعض أهل العقيدة في اسم الله (القاهر):
1- قال شيخ الإسلام ابن تيمه -رحمه الله- : القاهر الغالب الذي لا يغلب. [مجموع الفتاوى لابن تيمية 6/ 384].
2- قال ابن القيم –رحمه الله-: فاستبان للعقول والفطر أن القاهر الغالب لذلك كله واحد وأن من تمام ملكه إيجاد العالم على هذا الوجه وربط بعضه على بعض وإحواج بعضه إلى بعض وقهر بعضه ببعض وابتلاءِ بعضه ببعض وامتزاج خيره بشره، وجعل شره لخيره الفداءِ، ولهذا يدفع إلى كل مؤمن يوم القيامة كافر فيقال له: هذا فداؤك من النار، وهكذا المؤمن فى الدنيا يسلط عليه من الابتلاء والامتحان والمصائب ما يكون فداءه من عذاب الله، وقد تكون تلك الأسباب فداءً له من شرور أكثر منها فى هذا العالم أيضاً، فليعط اللبيب هذا الموضع حقه من التدبر يتبين له حكمة اللطيف الخبير. [طريق الهجرتين وباب السعادتين لابن القيم 1/143].